تونس ـ الرياض: انتقد رجال قانون في تونس بشدّة الطلب الذي تقدّم به وزير التربية التونسي للمحكمة الدراية
باستئناف الحُكم الصادر مؤخّرا بإبطال منشور يحظر الحجاب، معتبرينه استئنافا "تعسّفيا".
وقال المحامي التونسي العيّاشي الهمّامي عضو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحرّيات لـصحيفة "المصريّون"
الإلكترونية إنّ استئناف وزير التربية للحُكم القضائي "هو دليل على رفض الوزارة الانصياع لمبدأ قانوني هو أن
تكون القوانين والمناشير مُنسجمة مع ما ينصّ على الدستور ".
وتابع "نثمّن دفع القضاء الإداري لأوّل مرّة بعدم دستوريّة منشور حظر الحجاب وأعتقد أنّه استثناء لن يتكرّر باعتبار
أنّ القضاء في تونس مُكبّل اليديْن والقدميْن وسنواصل نضالنا في حركة 18 أكتوبر من أجل رفع الحصار عن المُحجّبات ".
وفي تصريح لـ"المصريّون" قال المحامي والحقوقي التونسي عبد الرؤوف العيادي "بقطع النظر عن الصحّة
القانونيّة لاستئناف الوزير للحُكم الصادر بإبطال شرعيّة كل المناشير المانعة للحجاب فإنّ القانون التونسي يعتبر
الأحكام - ولو تلك التي لم تُصبح نهائيّة- لها من الحجة التي يُعارض بها الكافّة وفق الفصل 443 من المُدوّنة
المدنيّة".
و أضاف "ثبت من خلال الحُكم الصادر أنّ الحكومة كانت تشتغل لسنوات خارج الشرعيّة بمنعها للحجاب والحُكم
الصادر كان مُعلّلا من قبل هيئة المحكمة الإداريّة بما فيه الكفاية بكشفه عدم دستوريّة المناشير المانعة للحجاب ".
و تابع العيادي "بهذا المعنى إنّ استئناف الوزير لحُكم قضائي بمثل هذه الوجاهة وهذا التعليل هو فضيحة أخرى
تُضاف لهذه الحكومة التي لم تخترْ غير القمع البوليسي وسيلة لفرض إرادتها على التونسيين و التونسيات".
من جهته وصف المحامي محمد النوري الذي يرأس منظمة "حرّية وإنصاف" الحقوقيّة، طلب نقض الوزير
للحُكم القضائي الأخير بأنّه "طلب تعسّفي".
و قال إنّه "ليس من حقّ وزير أن يحدّ من حرّية المعتقد واللباس والمحكمة الإداريّة وضعت حدّا لمنشوريْن صدرا عن
وزيريْن أرادا انتهاك حرية اللباس وعانت من المشكل مئات الآلاف من المُحجّبات على مدى أكثر من عقْديْن من
الزمن".
وتابع أنّ "وزير التربية باستئنافه للحُكم وكأنّه يرفض صراحة تنفيذ القانون و احترام الدستور ذلك أنّ الحُكم
القضائي كان مُعلّلا تماما قانونيّا و استند إلى عدم دستوريّة المناشير المذكورة
وقال النوري "نحن نُندّد بمحاولته تلك ونُطالب بالاعتذار للمحجّبات في تونس اللواتي وقع الاعتداء عليهنّ في
السنوات الماضية والإذعان للحُكم القضائي السليم".
وكان وزير التربية التونسي تقدّم الأسبوع الماضي بطلب استئناف إلى المحكمة الإداريّة لنقض الحُكم القضائي
القاضي بإبطال العمل بالمنشوريْن 102 و 108 اللذيْن بمقتضاهما كان أصدر قرارا برفت مُدرسة مُحجّبة من
عملها. وقامت المحكمة الإدارية بترسيم طلب استئناف الوزير للحُكم تحت عدد 26255 للنظر فيه.
ويُجيز القانون التونسي للحكومة استئناف الحكم القضائي المذكور في الآجال التي حددتها التشريعات، الأمر الذي لا
يجعله يكتسي صفة الحُكم النهائي.
وكان وزير التربية أصدر في عام 2002 قرارا، بالاستناد إلي المنشور 102 المانع للحجاب، قضي بفصل مُدرسة
تونسية تدعى سعيدة عدالة من عملها بمدرسة المهن بحمام الأنف بسبب ارتدائها الحجاب، مع حرمانها من راتبها مدة
ثلاثة أشهر.
لكنّ المُدرسة رفعت دعواها القضائية على الفور في عام 2002 ضدّ الوزارة لدى القضاء الإداري. وبعد طول
انتظار، أصدرت المحكمة مؤخرا حُكما قضى بإبطال العمل بالمنشور 102 لـ "عدم دستوريته" وكذلك المنشور 108
وبالتالي إبطال قرار فصل المُدرّسة المترتب عليه.
وأوردت المحكمة في نصّ حُكمها أنّ تطبيق المنشور قد ينتج عنه تهديد للحريات الأساسية و "استعماله مطيّة
للتضييق من الحقوق الفردية"، مُعتبرة إيّاه "مخالفا للدستور".
وصدر الحكم عن الدائرة الخامسة للمحكمة الإدارية برئاسة القاضية سامية البكري، في القضية عدد 10976/1.
وكانت هذه هي المرة الأولي في تاريخ تونس التي يُبطِل فيها القضاء التونسي العمل بالمنشور 102 و 108
اللّذيْن استندت إليهما الحكومة طيلة سنوات لمنع النساء والفتيات المحجبات من العمل في التوظيف العمومي وقطاع
التعليم.