toha الادارة
الجنس : المساهمات : 1854 العمر : 50 البلد : تاريخ التسجيل : 26/07/2007
| موضوع: يا لهـا من آية لو كان في القلوب حياة ! 15.11.07 19:14 | |
|
قال الراوي:
في اللحظة التي انطلقت السيارة، جلجل صوت مطربة من خلال مذياع السيارة بصوت فيه تكسر وتراخٍ وإثارة..
كنت رابع أربعة في سيارة صديق نقوم بجولة في المدينة..
كان الصديق الجالس إلى جانب السائق يهتز مع الأغنية ويكاد يرقص على كرسيه..
أما أنا فقد رأيت أمامي في الجيب الخلفي لكرسي السائق جريدة ملفوفة.
فشرعت أتناولها، ولما نشرتها كانت الصفحة الأولى كلها بعناونينها المتنوعة تصب فيما يتعرض له المسلمون من مذابح وويلات..
وفي تلقائية هتفت في غيظ: أخي ارحمنا الله يرحم والديك، ابحث عن شيء آخر نسمعه.
وضحك أحد الأصدقاء وهو يقول: من متى؟ فقذفت في وجهه الجريدة التي كانت بيدي وقلت:
اقرأ.. قال: قرأت وأعرف ما تعني.. ولكن.. دعنا ننسى..!!
وصرخت في غيظ كأنما أهم أن انفجر في وجهه: تنسى ماذا؟ قبّح الله البلادة.. تنسى ماذا..؟؟
واكتفى بالصمت..
كان صديقنا وراء المقود يحرك مؤشر المذياع على المحطات المختلفة، فكان لا يخرج من أغنية ألا ليقع على أغنية أحط من سابقتها
.. يبدو أن العالم العربي كله يغني..
هكذا قلت لنفسي. وجاءني صوت أحدهم ضاحكاً: يبدو أن الجميع في حالة تخدير تامة!
ولا زالت الأغاني المائعة تتوالى.. حتى استقر المؤشر أخيراً
على صوت نديّ شجيّ.. كان المقرئ عذب الصوت، عذب النبرة، كان في تلك اللحظة يردد قول الحق سبحانه:
{ فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } ..
ويعيد الآية رافعاً صوته في تنغيم مؤثر رائع..
{ فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } ويمد صوته بمقطعها الأخير
{ إِلَى اللَّهِ } ثم يعيد قراءتها في شيء من التحزّن
{ فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } .. ويرتفع النداء.. ويتردد صداه في غور قلبي..
وحلّقت بعيداً في جو هذه الآية..
ترى ما المراد بالفرار إلى الله؟
ولم أشأ أن أركب موجة فهمي القاصر خوفاً من أن أزلّ في فهم كلام الله سبحانه..
يكفي ما أنا فيه من تلطيخ نفسي الأمّارة بالسوء، فهل أضيف إلى هذه المساوئ الجرأة على كلام الله؟؟
هكذا كنت أحدث نفسي..
فعزمت أن أجلس إلى شيخ جليل، كنت أحرص على حضور خطبة الجمعة في مسجده.. مع أنني في الحقيقة لم أكن أحافظ على بقية الصلوات خلال الأسبوع كله..!
انتهت جولتنا بأن تناولنا عشاء دسماً في مطعم فاخر، تصدح فيه الأغاني المائعة أيضاً وشاشات التلفاز المنصوبة في الأركان ترينا هز الوسط للفتيات اللواتي يتابعن الأغنية كالمسحورات..
هذه المرة لم أكن كعادتي مع أصحابي، ولا كعادتي مع هذه الأغاني التي أنا مشغوف بها في الأصل، كنت أشعر أني منفصل عن الجو كله من حولي، حتى حين أشاركهم الضحك إنما من باب المجاملة ليس غير..
كانت الآية الكريمة يتردد صداها في قلبي، وترن في أذني بشكل مثير..
{ فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } والصوت الحزين يتسلل عبر دمي..
في اليوم التالي حرصت أن أجلس إلى الشيخ في صحن المسجد..
ولما خلوت به، ذكرت له القصة بتفاصيلها..
ويبدو أنه كان ملهماً ساعتها.. فقد تبسم واستعان بالله..
وبشّرني خيراً.. وفتح الله على قلبه بشكل مبهر..
وأملأ قلبه على لسانه فيضاً من المعاني الراقية، التي كان لها ما بعدها في سير حياتي بفضل الله تعالى..
أسوق إليكم كلام الشيخ بدون حرارة روحه.. وألفاظه بدون قوة نبراته, وصورة حديثه، دون طلاقة وجهه وإشعاعة النور الذي كان يتجلى ساعتها وهو يتحدث..
ولقد كان لهذا كله مجتمعاً أقوى الأثر في نفسي..
فإلى الله المشتكى حيث أني عاجز عن إيصال شحنة التأثير التي وجدتها وأنا بين يديه.. فالمعذرة..
ولكن ما لا يدرك جله لا يترك كله..
**
قال الشيخ: يا بني.. الكل في الحقيقة في حالة فرار...
أما السعداء ففرارهم إلى الله سبحانه..
إلى رحابه.. طلباً لرضوانه..
وأما الأشقياء ففرارهم منه لا إليه.. ينشغلون عنه بملهيات كثيرة تبعدهم عن ربهم جل جلاله..
فهؤلاء يفرّون صعداء إلى السماء..
وهؤلاء يفرّون سفولاً إلى الوحل ..!!
الله يطالبنا أن نفر إليه لا منه.. { فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } ..
الفرار إلى الله العمل بطاعته.. والنفور من معصيته..
الفرار إلى الله: شوق إلى الجنة، وطلب حثيث لها..
وخوف من النار وفزع منها.
الفرار إلى الله: فرار من الجهل إلى العلم..
ومن الشرك إلى التوحيد..
الفرار إلى الله: فرار من الغفلة إلى اليقظة..
ومن ظلمة المعصية إلى نور الطاعة
الفرار إلى الله: فرار من الضيق إلى السعة..
ومن الكدر إلى الصفاء..
الفرار إلى الله: فرار من الكسل إلى التشمير..
ومن التخليط إلى الإخلاص..
الفرار إلى الله:
فرار من الخلق إلى الخالق.. ومن الأرض إلى السماء.
الفرار إلى الله:
فرار من ضيق الصدر إلى طمأنينة القلب وقرة العين.
الفرار إلى الله:
فرار من سجن الدنيا ونكدها.. إلى نعيم الجنة وعبقها..
الفرار إلى الله:
فرار من ذل الشهوة ومرارتها..إلى عز الطاعة وحلاوة الإيمان
الفرار إلى الله:
فرار من حور الطين اللواتي يتلاعب بهن الشيطان، إلى حور العين في جنة عرضها السموات والأرض..
مع ملاحظة أن المؤمنة الصادقة تكون أكثر جمالاً من تلك الحوريات المخلوقات أصلاً في الجنة..!... الخ الخ…
وبقي الشيخ على هذا المنوال يذكر أموراً كثيرة على هذه الشاكلة، وأنا في حالة انبهار بما اسمع.. أتابع في ذهول مشدود القلب إليه، ثم قال:
عندما لا نعلم نكون جهلاء..
وعندما نعلم ثم لا نعمل يكون جهلنا مركباً..!
الجهل مصيبة، وعدم العمل بما نعلم كارثة..
أيّنا يحب أن يصفه الناس بالجهل؟ لا أحد..
ومع هذا نرى أكثر الناس كذلك وهم يدرون أو لا يدرون..
يا حسرة على العباد.. فيا بني اعلم أن:
الفرار إلى الله فرار من الجهل بكل أنواعه، إلى العلم الذي يربطك بالله ويشدك إليه، ولا أعني مجرد المعلومات، لكني أعني:
العلم الذي يستنير به قلبك حتى يتوهج..
دع عنك سوف ولعل وربما وأخواتها..
اذبح عجل التسويف وطول الأمل، بسيف العزم والتشمير والمبادرة والتصميم وارحل طلباً لما عند الله تعالى..
فما عند الله خير وأبقى وأحلى وأرقى.. واعلم أنك ابن يومك..
ولك ساعتك التي أنت فيها..
فما مضى من يومك مات.. وما لم يأت لم يولد بعد..
وقد تموت أنت في هذه الليلة، بل ربما في هذه الساعة التي أنت فيها، فأحسن العمل لو كنت تعقل..
قرر أن تفر إلى الله كما يطالبك هو بذلك، ويلح عليك أن تفر إليه..
عاجلا لا آجلاً { فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ }
أمر صريح، فلماذا يراوغ هذا الإنسان..؟؟
اعرف الطريق وقد بان لك.. وشمّر للسير وقد لاحت لك معالمه..
وقرر السفر ما دامت أنفاسك تتردد في صدرك..
فلعلك تجد نفسك غداً محمولاً على الأعناق، لتوضع في حفرة ضيقة، تنقلب عليك نيراناً تلظّى تشويك..
وساعتها لن ينفعك الصياح حسرة وندامة:
يا ليتني أعود إلى الدنيا، فأعمل غير الذي كنت مشغولاً به وفيه ومن أجله!
يا خيبة العمر الذي قضيته في جهل وحمق وأنا أضحك وأغني وأرقص..!!
لقد منحك الله همة وعزيمة غير أنك لا تستثمرها على الوجه المطلوب..
فشد الآن المئزر، وأحسن العمل، وأحكم الأداء، ليطوي الله لك الرحلة..
واجعل همّك روح العمل لا ظاهره.. وتحقيق الحكمة من القيام بالأمر، لا مجرد الأداء الصوري غير المثمر..
اجعل نصب عينيك منذ اليوم:
{ فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } .. وعاد يكررها:
اجعل نصب عينيك منذ اليوم { فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } ..
ورفع الشيخ بها صوته وقد أغمض عينيه، فجاءت مع نبرته المتهدجة وفيها شحنة جديدة، شعرت أن لها صدى أعنف مما كان من قبل..
وسكت قليلاً وأحسبه كان يجالد دمعات تهم بالانحدار..
ثم قال:
دع هذه الآية تحتل أكبر مساحة من قلبك وعقلك..
ثم انظر ماذا تصنع فيك ولك.
ثق يا بُني: أن الفرار إلى الله بصدق.. يقذفك مباشرة إلى السماء، لتحيا في مهرجاناتها الحافلة بكل بهجة ونعيم..
وكلما صح لك الفرار..
تذوقت ألواناً من أسرار العبادات تجعل قلبك يهتز، وروحك تنتشي.. وعقلك يهدأ، وعينك تقر.. ونفسك تطمئن..
الفرار إلى الله حقاً، لا يجعلك تتعلق بقشور الدنيا، ولا تتسقط على جيفها أعني شهواتها..!
بل إنك حين تصدق الفرار إلى الله: تجد نفسك في يسر..
تستعلي على زخارفها وفتنها، وتسمو فوق كل فخاخ الشيطان التي يحرص أن يسوقها بين يديك، وعلى عينيك ليفتنك بها..
الفرار إلى الله: فرار من حظوظ النفس الظاهرة والخفية التي تقطعك عن الله جل جلاله.. وتصرفك عن بابه..
الفرار إلى الله جل جلاله
فرار من صحبة سوء تحول بينك وبين مولاك وسيدك وحبيبك،
إلى صحبة خير تعينك على مزيد من التقرب إلى الله لتنال رضاه..
فرار من حظ نفسك وهواك،
إلى حظ الله ومراده حتى يرضى عنك..
وتحصيل رضاه غاية المنى.. كما قال القائل:
إذا رضيت فكل شيء هينُ وإذا حصُلتَ فكل شيءٍ حاصلُ
| |
|
toha الادارة
الجنس : المساهمات : 1854 العمر : 50 البلد : تاريخ التسجيل : 26/07/2007
| موضوع: رد: يا لهـا من آية لو كان في القلوب حياة ! 15.11.07 19:14 | |
| وسكت قليلا وابتسم ابتسامة متلألئة مقبلاً على بوجهه كله،
ثم قال: كان الأصل أن أقف بك هاهنا..
وشعرت أن هاتفاً في غور قلبي: لا لا أيها الشيخ الجليل..
رحم الله والديك.. واصل ما أنت فيه فإني أجد وقع كلامك في قلبي..
وكأنما سمع ما تجيش به نفسي.. فقال:
غير أني سأسير بك شوطاً آخر..
من عجيب هذا المحور الأخير من محاور الفرار إلى الله أن قالوا:
رب مطالب عالية لقوم -هي حظوظ لقوم آخرين-
يستغفرون منها، ويفرون إلى الله منها، حيث يرونها
حائلة بينهم وبين الوصول إليه..!!!
ولأول مرة أجدني أقاطعه حتى أنني شعرت بحياء من مقاطعتي إياه،
رغم أنه تبسم في وجهي وشجعني..
قلت: أرجو أن توضح لي هذه النقطة،
فإنها أُشكلت على فهمي المتواضع؟
قال: باختصار وفي جملة تختزل القصة كلها، أعطيك قاعدة عامة.. ولعلنا في لقاء آخر يجمعنا سأوافيك بأمثلة كثيرة..
وشعرت أنه تقصّد أن يقوم بهذه الحركة ليشدني إليه فارتبط به وأعاود الجلوس إليه، وفرحت أنا لذلك..
وهززت رأسي وأنا أقول: حسناً اتفقنا..
وعاد وجهه الطيب يتلألأ بابتسامة تشع نوراً في قلبي.. قال:
القاعدة هي أن الإنسان في أول توبته يبقى متشوقاً أن يلتزم ولو في حدود دنيا، المهم أن يبقى ثابتاً عليها، لا يحيد عنها..
لكنه ما أن يسير شوطاً وهو يجاهد نفسه عليها حتى يرتقي إلى مقام أعلى مما كان فيه، فيرى أن المقام السابق
الذي كان فيه قصور بالنسبة لما أصبح يجده في وضعه الجديد..
ثم يفتح الله على قلبه فيرتقى من جديد إلى مقام أعلى مما كان فيه..
كما قرر ربنا في محكم كتابه:
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
فمن حمل سيف المجاهدة على أهواء نفسه من أجل الله..
يفتح الله على قلبه بعد أن يسير شوطاً في الطريق أو شوطين..
فيرى أن المقام الثاني الذي كان فيه، قد أصبح قصوراً
بالنسبة للمقام الجديد الذي يسره الله له, وهكذا..
ولا يزال يعرج إلى مقامات أعلى..
ما دام مشمراً في الفرار إلى الله..!
كان هذا الكلام بالنسبة لي مفاجأة لم أحلم بها على الإطلاق..
لقد فتح الشيخ أمام قلبي آفاقاً رحبة فسيحة مشرقة، أكثر الخلق عنها غافلون.
وعدت أجمع قلبي لأصغي إلى الشيخ فإذا هو يقول:
هذا الصنف المتميز من الخلق في فرار مستمر..
وفي توبة دائمة متجددة لا تنقطع هذا الصنف لا تسكن نفسه إلى شيء دون الله تعالى.. ولا يفرح بما يجد من لذة العبادة، لكنه يفرح بمهديها إليه، وموفقه إليها، ومعينه عليها, وميسرها له..
تناديه الحظوظ وتهتف به زخارف الدنيا: إليّ.. إليّ..!!
فيجيبها في ثقة وفي استعلاء:
إنما أريد من إذا حصل لي حصل لي كل شيء..
وإذا فاتني فاتني كل شيء.
قال لي حسنُ كل شيءٍ تجلى.. بي تملّى .. قلتُ قصدي وراكَ
شعاره المنتصب بين عينيه: { فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } ..
فروا من كل شيء إلى الله وحده..!!
موقفه من حظوظه الدنيوية:
أنه إذا رآها معينة له على مزيد من القرب من ربه، أقبل عليها على اعتبار أنها مركب يوصله إلى مقصوده..
وإن رآها صارفة له عن هدفه وغايته، رفضها ونفر منها، وفر منها إلى الله.
وخلاصة الأمر:
أن ثمرات الفرار إلى الله كثيرة جداً منها:
راحة قلب، وقرة عين، وسكينة نفس، وجنة معجلة، ونعيم يتجدد -رغم المشقة التي يعانيها في البداية-
ومن عزم أن يقطع الطريق في همة يصل ولابد
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }
نعم.. الفرار إلى الله جنة معجلة، ونعيم يتجدد، وسعادة حقيقية..
ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. وسوف يعلمون هذا كله، في يوم لا ينفع فيه الندم أصحابه..
كان الشيخ يتدفق في حديثه كأنه يغرف من بحر..
أو يقتبس من نور.. وكان يقف بين الحين والحين وقفات قصيرة، ينظر فيها إلى وجهي كأنما يبحث عن شيء ما، أحسبه كان يكتشف أثر كلامه على قلبي..
ولعل ذلك كان واضحاً جلياً، ومن ثم مضى متدفقاً..
ثم ختم كلامه بقوله:
إن الله ربنا جل جلاله يحب لنا الخير..
ومن ثم يهيب بنا أن نفر إليه..
ولو أننا فتّشنا أنفسنا، لأيقن أكثرنا أنه يفر من الله، ولا يفر إليه..
فهل رأينا محسناً غيره سبحانه؟؟ وهل لنا رب سواه؟
وهل رأينا نور الدنيا إلا بتقديره وبكرمه؟؟
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان..!؟
ثم تنهّد الشيخ وقال: يا لها من آية لو كان في القلوب حياة!
ثم أخذ يدعو بدعوات كثيرة شعرت معها أن الخاتمة كانت مسكاً..
فقد هزّتني دعواته وكنت أجد لها صداها المباشر على قلبي..
وخرجت من عنده وأنا غير الإنسان الذي جاء يسأل عن جملة..
كنت أظن أني سأسمع جملة توضيحية ليس غير،
فإذا بي أمام نبع من نور يغتسل فيه قلبي بوضوح..!!
وأخذت أردد ما قاله الشيخ:
يا لها من آية لو كان في القلوب حياة..
ولما وصلتُ إلى سيارتي وولجت إليها كنت في غاية الانتشاء..
كنت أشعر أن للحياة طعماً آخر..
يا إلهي أين كنت عن هذا كله؟؟
أين صحبي وأمثالنا من اللاهين عن هذه الينابيع السماوية المشرقة..!!
يا إلهي كم نعيش في وهم ونحسب أننا على شيء..!!
ووجدت نفسي ألهج بهذه الدعوات ودمعاتي تتحدر على خدي:
اللهم ارحمنا برحمتك.. اللهم ارحمنا برحمتك.
ومع إدارة محرك السيارة انبعث صوت أغنية مائعة تقول في إثارة:
[ الدنيا برد حبك يدفيني …وأنا أحب الدنيا لأجل عينيكِ !!]
وهززت رأسي في أنفة وابتسمت وأنا أقول:
{ فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ } ..
فروا من صوت الشيطان إلى صوت الرحمن!!!!
ثم بادرت على الفور لتحريك المؤشر ليستقر على إذاعة القرآن الكريم.. وإذا بصوت المقرئ الشجي يردد:
{ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ }
وأخذت أردد في خشوع:
الله أكبر.. الله أكبر.... يحييكم.. يحييكم..
نعم نعم.. يحيينا والله..!
وحمدت الله على أن هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المصدر : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|