كم سؤال يطرأ على عقلك وتعجز عن إجابتها حين تسترجع رواية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، بداية من السرعة الفائقة على غير عادة أحكام الإعدام ، واختيار التوقيت الشاذ لتنفيذ الحكم قبل صلاة العيد ، واستثناء رفاق الرئيس الراحل من تنفيذ الحكم وإرجائه لما بعد عيد الأضحى ، وكذب تصريحات المسئولين العراقيين الذين أكدوا أن التنفيذ لن يكون قبل شهر على الأقل ، إلى جانب المخالفات الشرعية والإجرائية التي وقعت خلال الاحتفال الهزلي بتنفيذ الإعدام وأكدها رجال الدين والقانون على طريقة تلك الجرائم التي كانت تنسب لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين قبل مقتل زعيمها أبو مصعب الزرقاوي عند ذبح أحد المخطوفين ومثال ذلك أصوات التهليل والتكبير والتشويش التي سبقت لف حبل المشنقة حول رقبة الشهيد الغالي(( صدام )).
فقد فوجئ العالم فجر السبت الموافق الثلاثين من ديسمبر صبيحة عيد الأضحى المبارك وقبل صلاة العيد بنحو الساعة بأنباء إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين " 69 عاما " شنقا حتى الموت ، رغم أن القوانين العراقية تحظر الإعدام في العطلات .
كما صعق الجمهور العربي والإسلامي من الانتهاكات الصارخة التي حدثت أثناء تنفيذ حكم الإعدام والتي تسربت مشاهده عبر أشرطة الفيديو حيث ظهر صدام وهو يردد الشهادتين قبيل إحكام الحبل حول رقبته وسط هتاف مستفز من قبل شرطيين ملثمين رددوا شعارات باسم الزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر ورجل الدين الشيعي محمد باقر الصدر الذي أعدمه الرئيس الراحل عام 1980 ، وكأن التنفيذ تم في مقر أحد المليشيات الشيعية وليس تحت إشراف حكومي رسمي .
وكانت حكومة نورى المالكي المشؤوم قد دخلت في سباق مع الزمن للتعجيل بإعدام صدام وذلك رغم أن قانون المحكمة الجنائية العراقية التي حاكمت الرئيس العراقي المخلوع صدام منحت في أحد بنودها مدة شهر لتنفيذ العقوبة ولكن واضح أن الحسابات السياسية كان لها رأى آخر ، حيث شرعت على الفور في اتخاذ إجراءات الإعدم فور مصادقة محكمة التمييز في السادس والعشرين من ديسمبر على حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة الجنائية في الخامس من نوفمبر الماضى العراقية العليا الخميس حيثيات حكمها بالتصديق على اعدام الرئيس السابق شنقا بحجة ارتكابه "جرائم ضد القانون الانساني الدولي" .
بالإضافة إلى أن الحكومة العراقية انتهكت قدسية ورمزية مناسبة العيد وأقدمت على ما يبدو أنه انتقام من الشهيد صدام ولكنها في الحقيقة حسبما يرى بعض المراقبين انتقمت من مستقبل ووحدة العراق و بجدارة كبيرة وصبت المزيد من الزيت على نار الفتنة الطائفية المستعرة بين سنة وشيعة العراق .
وتعددت التفسيرات حول مغزى تنفيذ إعدام صدام في هذه التوقيت ومستقبل المصالحة في العراق بعد إعدام صدام ، فهناك تفسير يرى أن حكومة نورى المالكى اختارت مناسبة العيد لإدخال الفرحة في قلوب الشيعة من جهة ولإدخال اليأس في قلوب المقاومة السنية من جهة أخرى ، وذلك من أجل إظهار أنها أصبحت في موقف قوى وخاصة بعد أن أوصت لجنة بيكر - هاملتون بفرض عقوبات عليها إذا لم تنجح في وقف العنف .
ووفقا لهذا التفسير، فإن إدارة جورج بوش كانت هى الأخرى في حاجة ماسة إلى أى إنجاز بعد الهزيمة القاسية التى تعرضت لها في انتخابات الكونجرس وصدور تقربر لجنة بيكر - هاملتون الذي رسم صورة قاتمة للأوضاع في العراق ، ولذا فإن كبش الفداء الذي كان جاهزا لإنقاذها هو إعدام الغالي صدام ، خاصة وأن اعتقاله كان بالفعل طوق النجاة الذى أنقذ مستقبل بوش وساعده على الفوز فى انتخابات الرئاسة في عام 2004 بعد تراجع شعبيته بشدة منذ أواخر عام 2003 لفشله في العثور على أسلحة دمار شامل وهو المبرر الذي استخدمه ذريعة لغزو العراق .
وبعثت إدارة من خلال تحديد توقيت الإعدام عدة رسائل ، منها رسالة استهتار بمشاعر المسلمين في أنحاء العالم بعد أن أزعجها مشهد الحج المهيب وما يشكله من وحدة إسلامية بين الشعوب قد تتطور فيما بعد لوحدة سياسية ، بالإضافة إلى أنها بعثت برسالة تحذير واضحة للحكام العرب والمسلمين من أن مصير صدام ينتظر أى زعيم يفكر في رفع راية العصيان في وجه واشنطن ، كما أنها بعثت برسالة تحذير لإيران مفادها أنها لن تتنازل بشأن أزمة برنامجها النووي مقابل مساعدتها فى وقف العنف بالعراق ، فها هى تضحى باحتمال خسارة المزيد من جنودها بعد أن رفضت مطالب السنة بإطلاق سراح صدام مقابل وقف هجمات المقاومة .
وبصرف النظر عن صحة أى من التفسيرين ، يبقى التساؤل الجوهرى وهو : ما مستقبل المشهد العراقى بعد إعدام صدام ؟
يري مراقبون أن إعدام صدام لن يغير من مأساوية المشهد العراقى فى شيء ، لأن لب المشكلة هو الاحتلال وسعى الحكومة الموالية له إلى إذكاء الفتنة الطائفية ، بالإضافة إلى أن إعدامه لن يحسن الوضع الأمنى ، والدليل على ذلك هو تزايد هجمات المقاومة منذ اعتقاله ، كما أن إعدام الغالي صدام لن ينقذ بوش من مأزق العراق وإنما قد يكون كما يقول المثل الشعبى " القشة التى قصمت ظهر البعير" .
وُلد صدام في 28 إبريل 1937 في قرية العوجة في بلدة تكريت التابعة لمحافظة صلاح الدين في شمال العراق لعائلة تمتهن الزراعة. لم يعرف صدام قط والده حسين الماجد الذي توفي قبل ولادته بخمس شهور،كما لحقه بقليل أخاه ذو الإثني عشر عاماً والذي توفي جراء إصابته بالسرطان تاركاً والدته صبحة طلفاح تعاني بشدة في فترة حملها في صدام . وفى عام 1947 تخلت صبحة عن رعاية صدام لخاله خير الله طلفاح الذي كان يعمل مدرسًا في بغداد ، وتزوجت للمرة الثانية إبراهيم الحسن عم صدام وأنجبت له ثلاثة أخوة .
وكان صدام قد عاش خلال الأحد عشر عاما الاولى من عمره مع أمه في بيت بسيط في قرية العوجة ، يتكون من غرفة واحدة ذات أرض طينية، غير مزودة بالاحتياجات الأولية كالمياه الجارية والكهرباء، وقد حكى صدام لأمير إسكندر كاتب سيرته الذاتية عن تلك الفترة قائلا : "لم أشعر أنني طفل أبدًا، غالبًا ما كنت أتجنب مرافقة الآخرين". ولكنه وصف تلك الظروف بأنها منحته الصبر والتحمل والاعتماد على الذات.
ومن ضمن ما حكاه صدام لإسكندر أيضا أنه عاش حياة شقية اندفع إليها بسبب الفقر، كان يبيع البطيخ في القطار الذي كان يتوقف في تكريت في طريقه من الموصل إلى بغداد كي يطعم أسرته.
وفى بغداد ، التحق صدام بالثانوية الوطنية بتوجيه من خاله وذكر صدام في سيرته الذاتية انه استفاد الكثير عندما انتقل للعيش مع خاله ، وانه تعلم منه العديد من الدروس، وخصوصاً ذلك الدرس حينما أخبره أنه يجب أن لا يستسلم لأعدائه مهما كانت كثرتهم وقوتهم.وفي سن العشرين عام 1957، ارتبط صدام بحزب البعث الثوري القومي-العربي الذي كان يبشر بفكرة الاشتراكية العربية، والذى كان خاله داعماً له مع أنه كان محظورا في هذا الوقت .
وفي عام 1959 شارك صدام حسين الشاب في محاولة فاشلة لاغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم، وهو الضابط الذي أطاح بالملكية في العراق وأقام النظام الجمهوري عام 1958.
وهرب صدام إلى القاهرة بعد فشل محاولة الاغتيال ، والتحق بمدرسة قصر النيل الثانوية بحي الدقي حيث كان يعيش، ومنذ عام 1959 وحتى تخرجه عام 1961 عاش صدام حياة النفي السياسي ولم يعرف عنه في هذه الفترة ميل لحياة الليل والسهر،وقادته وحدته إلى قضاء وقت طويل مع حارس العمارة التي كان يعيش فيها في حي "الدقي"، كان الحارس يعامله بشكل طيب وهو ما ترك أثرًا عميقًا على شخصية صدام الذي لم ينس ذلك الرجل أبدًا، ودأب صدام على إرسال الهدايا إليه بشكل منتظم .
وحكى صدام عن نفسه خلال تلك الفترة أنه كان يتخذ من جمال عبد الناصر مثلاً أعلى له يحاول تقليده، وأنه بهروبه للقاهرة لم يتعرض للمحاكمات العلنية التي أجريت على المشاركين في محاولة اغتيال قاسم، خاصة أن قيادة الثورة بمصر تعاطفت مع هذه المحاولة. وعاد صدام مرة أخرى إلى العراق بعد أن تسلم حزب البعث السلطة في انقلاب عسكري عام 1963، إلا أنه وضع في السجن بعد تسعة أشهر عندما انقلب العقيد عبد السلام عارف الذي قام بالانقلاب على حزب البعث وأبعده عن السلطة.
وبعد الاطاحة بنظام عبد السلام عارف وتولى أحمد حسن البكر السلطة تم تعيين صدام في عام 1976 كجنرال في قوات الجيش العراقي. ومنذ هذا الوقت بدأ ببطء بتدعيم سلطته في حزب البعث ، وبسرعة أصبح لدى صدام دائرة دعم قوية داخل الحزب إلى أن أصبح نائبا للرئيس .
وحيث أصبح الرئيس العراقي الضعيف والمسن أحمد حسن البكر غير قادر على القيام بمهامه أكثر وأكثر، بدأ صدام يأخذ دورا أبرز كشخصية رئيسية في الحكومة العراقية، داخليا وخارجيا. وبسرعة أصبح مهندس السياسات العراقية الخارجية ومثل العراق في جميع المواقف الدبلوماسية. وبنهاية السبعينات، ظهر صدام كحاكم العراق الفعلي بشكل لا يقبل التأويل.
وعندما استقال أحمد حسن البكر المريض في 16 يوليو 1979 أصبح صدام بشكل رسمي الرئيس الجديد للعراق. بعد ذلك بفترة وجيزة، جمع قيادات حزب البعث في 22 يوليو 1979، وخلال الإجتماع، الذي أمر بتصويره، قال صدام بأنه وجد جواسيس ومتآمرين ضمن حزب البعث، وقرأ أسماء هؤلاء الذين توقع أنهم سيعارضونه. وتم وصم هؤلاء بالخيانة وتم إقتيادهم واحدا تلو الآخر ليواجهوا الإعدام رميا بالرصاص خارج قاعة الإجتماع وعلى مسامع الحاضرين. وبعد إنتهائه من قراءة القائمة، هنأ صدام الباقين لولائهم في الماضي وفي المستقبل.
وعزز صدام قوته في دولة متشبعة بالتوترات السابقة فقبل صدام بزمن، كان العراق منقسما إجتماعيا،إقتصاديا وسياسيا بين القوميين والشيوعيين والاسلاميين ، ولذا سارع فور توليه السلطة إلى توحيد حزب البعث وأخذه دورا رياديا في معالجة مشكلة العراق الإقتصادية الأساسية، والعمل على توسيع قاعدة منتسبي حزب البعث وأنشأ جهازا أمنيا لحماية السلطة والشعب من الداخل من الإنقلابات العسكرية والتمردات بالاضافة إلى تقوية جهازالشرطة السرية التي تنقل كل صغيرة و كبيرة الى الاجهزة الامنية.
كما تبنى تطوير اقتصاد العراق العراق وفى 1 يونيو 1972، قاد صدام عمليه مصادرة شركات النفط الغربية، والتي كانت تحتكر نفط العراق. بعدها بعام، إرتفعت أسعار النفط بشكل متزايد نتيجة أزمة البترول العالمية. وإستطاع صدام متابعة خططه الطموحة في السيطرة و حكم العراق والوصول به الى القمة وتطوير العراق بعائدات النفط الكبيرة.
وبفترة لا تتجاوز العدة سنوات، قدمت الدولة الكثير من الخدمات الإجتماعية للعراقيين ، وبدأ صدام أيضا "حملة وطنية لإستصال الأمية" وحملة "التعليم الإلزامي المجاني في العراق" حتى أعلى المستويات العلمية؛ كما وفرت الحكومة العناية الصحية المجانية للجميع، ووفرت المعونات المالية للمزارعين. وأنشا العراق واحدة من أفضل أنظمة الصحة العامة في الشرق الأوسط، وحصل صدام على جائزة من منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة .
العلاقات الخارجية
سعى صدام حسين أن يلعب العراق دورا رياديا في الشرق الأوسط. فوقع العراق إتفاقية تعاون مع الإتحاد السوفييتي عام 1972، وأرسل للعراق أسلحة وعدة آلاف من الخبراء. ولكن الإعدام الجماعي للشيوعيين العراقيين عام 1978 وتحول العلاقات التجارية إلى الغرب وتّر العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وإتخذ العراق منحى أقرب إلى الغرب منذ ذلك الحين وحتى حرب الخليح عام 1991.
قاد صدام المعارضة العربية لتفاهمات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979. وفي 1975 تفاوض على تفاهمات مع إيران اشتملت على تنازلات بخصوص الخلاف الحدودي، وبالمقابل وافقت إيران على التوقف عن دعم المعارضة الكردية في العراق.
يذكر أنه كان على العراق منذ تأسيسه كدولة حديثة عام 1920، التعامل مع الإنفاصاليين الأكراد في الأجزاء الشمالية من البلاد. وكان صدام قد تفاوض ووصل إلى إتفاق في 1970 مع القادة الإنفصاليين الأكراد، معطيا إياهم حكما ذاتيا، ولكن الإتفاق إنهار. وكانت النتيجة قتالا قاسيا بين الحكومة والجماعات الكردية وصل لحد قصف العراق لقرى كردية في إيران مما جعل العلاقات العراقية الإيرانية تسوء وجاء اتفاق 1975 لينهى هذا الخلاف .
أطلق صدام مشروع التقدم النووي العراقي في الثمانينات من القرن الماضي، وذلك بدعم فرنسي. وأسمى الفرنسيون أول مفاعل نووي عراقي بإسم أوسيراك، إله الموت المصري القديم. وتم تدمير المفاعل بضربة جوية إسرائيلية، بحجة ان إسرائيل شكت في أن العراق كان سيبدأ إنتاج مواد نووية تسلحية.
الحرب العراقية الإيرانية
في 1979 قامت الثورة الإيرانية وتم الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي، وتم إقامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة آية الله الخميني. تنامى تأثير التوجه الثوري الإسلامي الشيعي في المنطقة، وخاصة في الدول ذات النسب العالية من السكان الشيعة، وخاصة العراق. فخشي صدام من إنتشار الأفكار الإسلامية الراديكالية-المعادية لنظام حكمه العلماني- بين أكثرية السكان الشيعة.
وكان هناك أيضا عداء بين صدام والخميني منذ السبعينات وذلك لان الخميني عندما كان مبعدا من إيران منذ 1964، أقام في العراق في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة وتحت ضغوط من الشاه، الذي وافق على تقارب بين العراق وإيران في 1975، وافق صدام على إبعاد الخميني عام 1978.
انتهت الحرب الدموية التي إستمرت 8 سنوات بمأزق، كان هناك مئات الألوف من الضحايا. ولعل مجموع القتلى وصل إلى 1.7 مليون فرد للطرفين. وكلا الإقتصاديين، اللذان كانا قويين ، تحولا إلى دمار. وأصبح العراق مدينا بتكاليف الحرب بدين يقدر بحوالي 75 بليون دولار للولايات المتحدة والدول العربية .
وبعد انتهاء الحرب ، وتحديدا في 16 مارس 1988 نظم الاكراد انتفاضة ضد نظام صدام ، وحاولت القوات العراقية سحق تلك الإنتفاضة فيما أطلق عليها حملة الأنفال، وادعت مصادر كردية أن بلدة حلبجة الكردية هوجمت خلال تلك الحملة بخليط من الغاز السام ومؤثرات الأعصاب، مما أدى إلى مقتل آلاف الاشخاص .
غزو الكويت
هاجم صدام الكويت في أغسطس عام 1990 بعد خلافات حدودية واستمر الاحتلال لمدة عام حتى أجبر على الانسحاب عام 1991 ، بعد أن قادت الولايات المتحدة تحالفا دوليا ضده ، ومنذ هذا الوقت ساءت علاقات صدام مع دول الخليج ودول عربية أخرى وتعرض لعزلة دولية وتم فرض حصار اقتصادى على العراق بالاضافة إلى فرض مناطق حظر طيران في شماله وجنوبه .
ومنذ تولى جورج بوش الابن الحكم في الولايات المتحدة ، تصاعدت الضغوط على نظام صدام حسين بزعم امتلاكه أسلحة دمار شامل ، وقامت امريكا وعدد من حلفائها بغزو العراق في 20 مارس 2003 .وبقيت أخبار صدام مجهولة في الأسابيع الأولى بعد سقوط النظام وإنتهاء العمليات الرئيسية للحرب. تم التبليغ عن عدّة مشاهدات لصدام بعد الحرب ولكن أيا منها لم يكن مثبتا.
تم وضع صدام على قمة لائحة المطلوبين، وتم إعتقال العديد من أفراد النظام العراقي السابق، ولكن الجهود الحثيثة للعثور عليه باءت بالفشل. أبناءه وخلفاءه المتوقعون ، عدي وقصي صدام حسين ، قتلوا في يوليو 2003 أثناء إشتباك عنيف مع القوات الأمريكية في الموصل.
قام الحاكم المدني الامريكى في العراق بول بريمر بالإعلان رسميا عن القبض على صدام بتاريخ 13 ديسمبر 2003 وذلك في مزرعة قرب مدينة الدور قرب تكريت.
ظهر صدام خلال اعتقاله بلحية طويلة وشعر غير مرتب بشكل يختلف عن مظهره المعتاد.وكان هذا بداية أفول نجم صدام الذي عرف عنه شخصيته القوية
والحازمة ، حيث أمسك العراق بقبضة فولاذية لمدة 35 عاماً ، وتخلص من جميع خصومه السياسيين ، حتى دانت له السلطة.
قصة اعتقال صدام
بعد فترة اختباء تجاوزت فترة الثمانية شهور منذ غزو العراق في 20 مارس 2003 ، تمكنت قوات الاحتلال الأمريكى بناء على معلومات استخباراتية من الوصول إلى مخبأ صدام والذي كان عبارة عن حجرة صغيرة تمتد لمسافة مترين داخل الأرض في بلدة الدور بالقرب من تكريت شمال العراق.
وأطلق على العملية التى اعتقل خلالها صدام اسم "الفجر الأحمر" وشارك فيها حوالى ستمائة جندي أمريكي من الفرقة الرابعة مشاة تصاحبها عناصر من القوات الخاصة الأمريكية .
ولم تطلق القوات الأمريكية أي رصاصة خلال العملية التي استسلم خلالها صدام حسين دون إبداء أي مقاومة. وقد عثرت القوات الأمريكية بحوزة صدام على مبلغ سبعمائة وخمسين ألف دولار أمريكي ومدفعين رشاشين من طراز (أيه كي 47) ومسدس.
ويمكن القول إن سياسات بوش في العراق وصلت إلي طريق مسدود وعدم الاعتراف بتلك الحقيقة يفتح الباب على مصراعيه أمام مصير مظلم ليس لأبناء هذا البلد الجريح فحسب وإنما أيضا للغزاة الذين تعهدوا قبل ثلاث سنوات من الآن بتحويل العراق لواحة للاستقرار والديمقراطية وتحول العراق على أيديهم لما يشبه " بلدا للقبور .