باريس: أقالت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال أليو ماري أمس نائب رئيس مديرية سانت جنوب غرب فرنسا (للشرطة) برونو جيج بسبب نشره الأسبوع الماضي مقالا ينتقد فيه القمع الإسرائيلي، وذلك في الوقت الذي مرت تصريحات لنائب بالحزب الحاكم تحدث فيها عن "شعب همجي من الإرهابيين"، في إشارة إلى الفلسطينيين، مرور الكرام ولم تحظ بأي ردة فعل رسمية سوى سجال على شبكة الإنترنت.
وكان جيج نشر مقالا على موقع "أمة"، الشهير باللغة الفرنسية في الثالث عشر من هذا الشهر، بعنوان "عندما يطلق العنان للوبي المؤيد لإسرائيل في مواجهة الأمم المتحدة "، رد فيه على نداء وقعه عدد من المثقفين الفرنسيين، ونشرته صحيفة "لوموند" حول حقوق الإنسان والأمم المتحدة وإسرائيل.
وكتب جيج في مقاله: "إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يقتل فيها قناصة فتيات لدى خروجهن من المدرسة".
وأضاف: "أما بشأن الإرهاب، فيمكن لإسرائيل أن تتباهى بحصولها على جائزة دون منازع، فتفجيرات الحادي عشر من أيلول المقيتة لم تسفر عن سقوط عشر عدد الضحايا الذين وقعوا جراء حصار الجيش الإسرائيلي لبيروت عام 1982، وعلى محبي إسرائيل الانتشاء بأن صواريخ جيشها قادرة على قتل الأطفال بسهولة".
وتعرض جيج بسخرية لما يجري في سجون الاحتلال الإسرائيلي فكتب "في السجون الإسرائيلية، وبفضل القوانين الدينية يتوقف التعذيب يوم السبت"، معلقا بذلك على ما كتبه المثقفون عن أن "كبرى الجرائم الإرهابية في التاريخ ارتكبت باسم الله".
ونقلت جريدة "الوطن" السورية عن جيج قوله: "إن هذا ليس خطأً تماما على شرط إدخال إسرائيل في التحليل، هذا الكيان الاستعماري المصطنع الذي أنشأ على أنقاض الفلسطينيين باسم التوراة والمحرقة".
ولم تكن آراء الموظف الفرنسي "مستساغة" في وزارة الداخلية فقررت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال إليو ماري إقالته على الفور من منصبه لأنه "لم يحترم واجب التحفظ"، وأدلى بتصريحات "غير مقبولة أبدا".
ولم يمكث جيج "46 عاما" وهو كاتب وباحث ومؤرخ يساري"، في منصبه هذا سوى بضعة أشهر حيث كان عين فيه في سبتمبر الماضي، وهو معروف كخبير بشؤون المنطقة وله عدة مؤلفات حول الصراع العربي- الإسرائيلي، منها " الشرق الأوسط ـ حرب الكلمات " و " أصول الصراع العربي ـ الإسرائيلي : الندم الخفي للغرب " و " أسباب العبودية " ، وغيرها.
ارتياح يهودي
في هذه الأثناء، أعربت الجمعيات اليهودية في فرنسا عن "رضاها" فور الإعلان عن إقالة جيج ، وكتب "اتحاد أرباب العمل اليهود في فرنسا": "يحدث أحياناً أن تتحقق العدالة، فقد وقع جيج في الحفرة التي حفرها لإسرائيل والسلطة الذي كان يدعي أنه يخدمها من خلال شيطنة إسرائيل انقلبت ضده".
وتوجه الاتحاد بالشكر لمن أثار القضية في البداية، وخاصة صحيفة "لوموند"، وبعض المواقع الإلكترونية. وحذر الاتحاد من كتب جيج، المنشورة لدى دار نشر مرموقة "لارماتان".
مهاجمة الفلسطينيين
في غضون ذلك، وقبل أيام من إثارة قضية جيج ، خرج النائب عن حزب اليمين الحاكم (التجمع من أجل حركة شعبية)، كلود جواسجيان أمام نحو ألف شخص في ساحة "لاريبوبليك"، أي الجمهورية، وألقى خطابا باسم 111 برلمانياً فرنسياً من مجموعة "الصداقة الفرنسية ـ الإسرائيلية"، منددا بعملية القدس الاستشهادية التي قتلت ثمانية طلاب من مدرسة تلمودية، فندد باعتداء "شعب همجي من الإرهابيين المرعبين"، ومرت هذه الجملة مرور الكرام.
ولدى إثارة الموضوع على شبكة الإنترنت بشكل خاص خلال تداول الفيديو الذي يتضمن هذه التصريحات، أوضح النائب الفرنسي أنه "لا يقصد الفلسطينيين في حديثه بل شعب الإرهابيين، الذين يطلقون صواريخ على سيدروت".
وأضاف: "تظاهرات الابتهاج في غزة بعد العملية صدمتني بشدة لأنه عندما يموت أطفال فلسطينيين لا نرى أبدا هذا (الابتهاج) في إسرائيل، فيجب توافر الحد الأدنى من الذوق من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي"، وشدد على أنه لا يكره الفلسطينيين، ولكن لم تذهب قضيته أبعد من ذلك ولم تستدع توضيحا أو ردة فعل رسمية أو برلمانية كما حدث مع جيج.